بقلم: عماد بنحيون
حاولت أجهزة إعلام الحكم بالجزائر”عبر صور للرئيس” نهاية سنة 2015 تسليط الضوء على حدثين رئيسيين، الأول تغيير الدستور وعرضه على البرلمان، والثاني الإجراءات التي تضمنها قانون المالية 2016، بما فيها تلك التي أثارت زوبعة بالمجلس الشعبي الوطني،وكأنها بذلك تريد أن تقنع الشعب الجزائري بأن الرئيس يقوم بأنشطة مكثفة “بصفة عادية”.
فعلا، توصلنا بأخبار مصورة ومكتوبة لاجتماع بوتفليقة مع كبار دولته، أخذ فيه صورا وهو يوقع قانون المالية 2016، كما وصلنا “ترأسه” اجتماعا مع أبرز المسؤولين السياسيين والعسكريين في البلاد ، أعقبه عرض تعديل الدستور على البرلمان، الذي سبق أن أعلن بوتفليقة قبل عام تحديدا عن عزمه تعديله سنة 2015، في خطاب أعقب آخر اجتماع لمجلس الوزراء سنة 2014، ليتم الإفراج مؤخرا عن مسودة التّعديلات وإعطائها للأحزاب والفصل في كيفية التعديل بإحالته على البرلمان وسط غضب المعارضة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، مادام مرض بوتفليقة قد منعه، كما يبدو، خلال هذه العهدة، من الحضور الفعلي في أنشطة واحتفالات حرص على حضورها شخصيا ولم ينب فيها أحد عنه قط، بما فيها حملته الرئاسية فأناب عنه سلال ليقوم بحملة انتخابية “بالوكالة”، فلماذا هذا الحرص من أجهزة إعلام الحكم على تصوير الرئيس “شافاه الله” في بذلته الرسمية وهو يحاول جاهدا النظر في الأوراق والحضور،لأخذ الصورة، وهو صاحب العبارة الشهيرة “لن أقبل أن أكون ثلاثة أرباع الرئيس“.
يبدو إذن أن القادم في الجزائر لن يكون مثل “16” سنة من “حكم” بوتفليقة التي مرت، وتوزعت على أربع عهدات رئاسية، رغم ما عرفته السنة الأخيرة من تحولات نوعية في مطالب الشعب الجزائري بعد الأزمة المالية الخانقة التي أجبرت الحكومة على اتخاذ إجراءات استثنائية في القانون المالي الأخير ، تنص كما تم تداوله، على مراجعة الاتاوة المفروضة على استغلال المجال العمومي الهيدروليكي للاستكشاف التجاري للمياه المعدنية و الطبيعية ومياه الينابيع. و إقرار اتاوات بنسبة 5 بالمائة و2 بالمائة على التوالي للإيرادات الخام من استغلال تجهيزات الحمامات وايرادات بعنوان الاشتراكات (استهلاك البشري أو الصناعي للمياه)،بالإضافة إلى ضريبة متعلقة بجواز السفر بالنسبة للجالية الجزائرية بالخارج قدرها 6000 دج للجواز العادي أو 12.000 دج في حالة ما إذا كان الجواز يحمل 50 صفحة، وهي إجراءات محتمل أن تثير زوبعة شعبية أكبر مما أثارته داخل المجلس الشعبي الوطني.
لذا يظهر أنه رغم محاولة بوتفليقة، أن لا يبقى مجرد سياسي معزول عن الجهة التي تأخذ زمام الحكم بالجزائر، وحاول بداية حكمه بسط نفوذه ، تارة إلى جانب قيادة الأركان وتارة أخرى إلى جانب جهاز الاستعلامات والأمن (المخابرات)،فحاول خلق التوازن بين الكفتين وتطبيق منطق “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا بينهم سالمين”، يبدو أن مرضه جعل الكفة تميل إلى إحداهما، فبدأت بتقليم أظافر جهاز المخابرات، في عام 2013، مباشرة بعد عودة الرئيس بوتفليقة من رحلته العلاجية بفرنسا، بحيث لم يلبث أن” أصدر” قرارات، طالت دائرة الاستعلامات والأمن وأبرز رموزها، توجت فيما بعد يوم 13ستنبر 2015 بإحالة. الفريق محمد لمين مدين، المدعو توفيق، إلى التقاعد، ليكون هذا الإجراء بداية توقيع شيك على بياض للمؤسسة العسكرية .