دراسات و أبحات

من اجل تحالف تاريخي بين المؤسسة الملكية والحركة الامازيغية

كان الامازيغ  دائما في تاريخهم  المعاصر على الأقل سندا قويا للملكية في المغرب وكانت الملكية بالمقابل حضنهم والمدافع السياسي عنهم ، هذه العلاقة التكاملية التي تجمع الامازيغ بالملكية كانت السبب الرئيسي الذي جعل الملك المرحوم  الحسن الثاني اقر بالتعددية السياسية في الدساتير الأولى وذلك بالطبع لقطع الطريق أمام استبداد حزب الاستقلال وشجع تأسيس حزب يمثل المصالح القروية وادخل الامازيغ إلى السياسة بشكل هوياتي  أي امازيغ يمثلون امازيغ وليس امازيغ متسترون في أحزاب أخرى يخفون هوياتهم ويذوبونها في مرجعيات ايديولوجية اخرى ، الملك محمد السادس هو الآخر كان من المصرين في دستور 2011 على ترسيم الامازيغية واستطاع بحكمة واقتدار وبقوة استشرافية ان يعيد للامازيغية مكانة لائقة وتاريخية في تاريخ المغرب ، فالامازيغ لا يمكن أن ينسوا أن معظم الاحزاب السياسية المغربية كانت ضد المطالب الثقافية في حدها الأدنى قبل الخطاب الملكي لاجدير 2001 وبعدها مباشرة هرولت الاحزاب التقليدية المغربية إلى إتباع الخطوة المتقدمة التي قام بها الملك محمد السادس في 2001 وبعدها باحداث معهد ملكي للثقافة الامازيغية في سنة 2002 . خلال تقديمها لمذكراتها الاقتراحية لمشروع دستور 2011 لم تتمكن معظم الأحزاب السياسية المغربية من ان تعطي للامازيغية في مقترحاتها صفة الرسمية وأبانت بذلك عن جبن ونفاق سياسي كبير سيفضحه الموقف الملكي الحاسم والمنحاز الى جانب ترسيم الامازيغية كلغة رسمية وهذا الموقف أربك  جميع الأحزاب السياسية المغربية التي كانت تعتقد بأن المؤسسة الملكية تتعامل مع الامازيغية بمنطق الاحتواء والتدجين فيما أتبث التاريخ ان المؤسسة الملكية كانت دائما هي المساند السياسي للامازيغ .مسيرة الامازيغ الثالثة التي نظمت في 3 فبراير الماضي رفعت شعارات قوية ضد حكومة العدالة والتنمية التي تملصت من التزاماتها وتباطأت في موضوع اخراج القانون التنظيمي للامازيغية الى حيز الوجود ، و ليست هناك شعارات ضد الملكية  وهذا ما يبين ان الامازيغ باثوا يفرقون بين الخصوم السياسيين الحقيقيين وبين المسانديين السياسيين وهذا النضج الامازيغي لا بد ان يتعزز سياسيا بتشكيل جبهة تحالف تاريخية بين الملكية في المغرب والامازيغ من اجل الحفاظ على ثوابث المغرب ومصالحه الاستراتيجية وهي الان باتت مهددة من التطرف الاسلامي من جهة ومن انتشار قيم اللاتسامح بين صفوف المواطنيين المغاربة ، فالحركة الامازيغية حركة مبنية على العقلانية بما تعني الكلمة من اعتناق الامازيغ لقيم العقل والمنطق والنسبية في كل شئ  وايمان الحركة الامازيغية  بقيم التعدد  والاختلاف  والحداثة والانفتاح فالحركة الامازيغية حركة منفتحة على قيم العصر وعلى منجزات البشرية وهي ذات نزعة انسانية متشبتة بالقيم الكونية لحقوق الانسان ، هذه القيم النبيلة التي تسعى الحركة الامازيغية الى تسييدها عبر جمعياتها وفعالياتها المختلفة هي نفسها القيم التي تحملها الخطابات والرسائل الملكية المختلفة الى جميع الملتقيات والمؤتمرات الدولية ، حيث ان الملكية المغربية مع محمد السادس ملكية منفتحة على قيم العصر ومقاومة لكل اشكال التطرف وهي قيم مشتركة بينها وبين الحركة الامازيغية واكثر من ذلك فالحركة الامازيغية والملكية يشتركان في رفض الدولة الدينية وفي رفض المس بالأديان الاخرى .

هناك من سيقول بان الحركة الامازيغية حركة نخبوية لا تستطيع بخطابها النخبوي حشد وتاطير الجماهير الشعبية وهذا ما تحتاجه الملكية لابقا شرعيتها الشعبية لهذا القول نرد بشيئين رئيسيين اولهما :

النخب هي التي تصنع وتؤطر عقول الجماهير والحركة الاسلامية اليوم بدون نخبها المحلية والوطنية لا يمكن ان تتواصل مع الجماهير نفس الشئ يمكن ان يقال عن الحركات الاخرى فالنخب هي التي تحرك الاشياء الراكدة في المجتمع وتصنع العقول وتوجه الافئدة .

ثانيهما : ليس كل من يستطيع ان يجمع الجماهير ويجيشها  ففكره ونظرته السياسية صحيحة  فالتاريخ أعطانا نماذج من الناس كانت شعبيتهم كبيرة ولكن ممارساتهم كان وبالا على البشرية  نبدا من شعبية جنكيز خان المغولي ولا ننتهي بهتلر الألماني فكلاهما ملك قلوب الناس ولكن سياساتهما كانت بشعة ودموية.

لقد كان الاستاذ المناضل احمد عصيدا محقا عندما قال في احد ندواته المتميزة التي نظمت بالرباط في 13 نونبر 2012 في ندوة حول “دولة الحق وأسئلة الثقافة” في الرباط بمركز جاك بيرك والمنشور تلخيصا عنها في احد المواقع الالكترونية (هسبريس 14 نونبر 2012) بأن “النقاشَ مع أحزاب الكتلة في تلك الفترة(ويقصد بها فترة حكم الحسن الثاني) لم يكن مثمراً بشكلٍ اضطر مناضلي الحركة الأمازيغية إلى التقدم بطلبهم إلى القصر، الذي رأى عصيد أن مواقفه معروفةٌ بمرونتها وتأقلمها عكسَ الكثير من الأحزاب التي بقيت مواقفها متصلبة من ملف الأمازيغية. فتحتَ ضغطِ منظمات حقوق الإنسان الدولية سارت الأمور إلى قليلٍ من الانفراج، إذ دعَا الحسنُ الثاني في خطاب 20 غشت عام 1994 إلى تدريس ما سماه آنذاك باللهجات”

غايتنا من هذا المقال هو الرد على بعض من يتهم الامازيغ بأنهم دعاة فتنة وتطرف وبأنهم لا يؤمنون بالمؤسسات ولا بالتحالفات ليكون ردنا الجماعي هو ان الامازيغ يردون لمن اسدى اليهم نصيحة أو ساعدهم في تحقيق مطالبهم  الجميل بالاعتراف  عكس من استفادوا من الدولة المغربية لعقود بل وقرون وأصبحوا ناكرين للجميل .

انغير بوبكر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى