“فإما أن نواصل التعاون والتضامن بين بلداننا، خدمة لمصالحها، وإما سنخلف مرة أخرى موعدنا مع التاريخ ونرمي بشعوبنا إلى المجهول”
إشارة قوية من جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة القمة الثالثة لمنتدى الهند إفريقيا 2015، إلى دعوة المغرب الصريحة إلى مواصلة التعاون والتضامن بين بلدان جنوب جنوب ، باعتباره”ليس مجرد شعار أو ترف سياسي، بل هو ضرورة ملحة تفرضها حدة وحجم التحديات التي تواجه بلداننا بحيث لا يمكن معها الاعتماد على أشكال التعاون التقليدية، التي أصبحت غير قادرة على الاستجابة للحاجيات المتزايدة لشعوبنا” مما يجعل التعاون السبيل الوحيد لإنقاذ هذه البلدان من المجهول الذي اصبح يتهدد مستقبلها، في ظل الظروف العصيبة التي تعيشها بعضها في أفريقيا وآسيا.
ودعوة صريحة منه، بخصوص قضية الصحراء المغربية، إلى بعض الدول إلى التطور في مواقفها، لكي لا تسقط في ترديد خطابات وأطروحات متجاوزة، مر عليها أكثر من 40 سنة، معربا في المقابل عن تقديره للموقف البناء لجمهورية الهند من قضية الصحراء المغربية، ودعمها للمسار الأممي لحل هذا النزاع المفتعل،ليشكل هذا المنتدى فرصة لجلالته للإشادة بما تتميز به سياسة الهند الخارجية من اتزان ومسؤولية، في احترام الشرعية الدولية، والوحدة الترابية للدول، والدفاع عن مصالح الدول النامية وقضاياها العادلة مما يعزز طموحها المشروع للقيام بدور أساسي في أجهزة الأمم المتحدة المكلفة بحفظ الأمن والسلم الدوليين؛
دون أن يفوت جلالته التنويه بعلاقة التعاون بين الهند والمغرب والتذكير بالنموذج المغربي للعمل التشاركي وبأهمية المشاريع الملموسة التي بلورها ، سواء على المستوى الثنائي، أو في إطار التعاون الثلاثي، في المجالات المنتجة، المحفزة للنمو وفرص الشغل، وذات الأثر المباشر على حياة المواطنين. بالإضافة إلى تطور وتنوع الشراكات التي تجمع المغرب مع عدد من الدول الإفريقية، والتي تهم التنمية البشرية ومختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والدينية. وهو ما أهل المغرب ليصبح أول مستثمر إفريقي في منطقة غرب إفريقيا، والثاني على مستوى القارة.
كل هذا يزكي دعوة المغرب الدائمة في جميع المحافل الدولية إلى الالتزام بالتعاون البناء الذي يجب أن لا يقتصر على منح إعانات للدول الفقيرة والمحتاجة، مما جعل المغرب ينحو إلى بلورة شراكات رائدة، ودفع المستثمرين المغاربة إلى الانفتاح على الدول الإفريقية كشركاء فاعلين، عملا بخطاب جلالة الملك بأبيدجان، والذي اكد عليه أيضا بهذا المنتدى “إن إفريقيا ليست في حاجة للمساعدات، بقدر ما تحتاج لشراكات ذات نفع متبادل، ولمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية”.
ويعتبر إحداث مجموعة عمل مشتركة بين المغرب والهند للتنسيق وتبادل المعلومات تتويجا للشراكة الهندية المغربية ونموذجا ناجحا على غرار النجاح الذي عرفته الشراكة المثمرة التي تجمع البلدين في مجال الفوسفاط ومشتقاته، والتي يسعى المغرب لتوسيعها لتشمل برامج ضمان الأمن الغذائي ووضعها رهن إشارة بعض البلدان الإفريقية، وفتح آفاق أوسع أمام التعاون بين البلدين، وخاصة في مجالات الفلاحة وصناعة الأدوية والبحث العلمي والتكنولوجي وتكوين الأطر، وجعلها في خدمة الشعوب الإفريقية.
.